(محطات النضال للثورتين اليمنيتين) بين الكلمة والطلقة.. لُحمة نضال وطني ضد الإمامة والاستعمار حتى الاستقلال

المشهد اليمني 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
65.109.171.3

منذ أول يوم حط الثوار الشماليون رحالهم في عدن، ولجوؤهم إليها هرباً من بطش الإمامة في الشمال في بداية أربعينيات القرن الماضي، تكونت بذرة الثورة، غرست في تلك اللحظات الأولى شمالاً وجنوباً، رسم فيها الطريق، وخططت فيها الأهداف وتوحدت معها الغايات للتحرر في كلا الشطرين.

لم تكن تلك الثلة التنويرية التي لجأت ومكثت وتربت في عدن كالزبيري والنعمان والحكيمي والموشكي ودماج، لتمثل فقط نواة الثورتين اليمنية في فبراير 1948 والسادس والعشرين من سبتمبر من عام 1962، بل كانت مشكاة اليمن كلها بطريقة أو بأخرى، وهو الأمر الذي تنبه إليه باكراً الإمام أحمد حميد الدين والاحتلال البريطاني، فقد كانا يعلمان أن عجلة الحراك الشعبي الثوري في الشمال والجنوب قد تحركت، وما هي إلا خطوات ومحطات يمضي عليها الثوار ليصلوا إلى مبتغاهم من إعتاق الشعب اليمني من الكهنوت والاحتلال.

ومنذ اللحظات الأولى لأولئك الثوار بدأ الاحتلال البريطاني في التضييق عليهم، وكذا التنسيق مع الإمام في الشمال، والحقيقة أن التنسيق بدأ باكراً بين الإمامة والاحتلال البريطاني منذ أيام الأتراك الذي استنجد آخر ولاتهم سعيد باشا بالإمام يحيى حميد الدين لتسلم محافظة لحج منهم قبل أن يرحلوا عن اليمن، ويوصيه بإدخال جيشه إلى هناك، إلا أن الإمام رفض فاضطر سعيد باشا الانسحاب منها وتوسع في احتلالها البريطانيون.

اشترطت سلطات الاحتلال في عدن على الثوار الذين لجأوا إليها عدم القيام بالأنشطة السياسية، وكذا العمل السياسي من عدن، وهذا الشرط كان الخطوة الأولى للاحتلال الذي قام بعد ذلك بخطوات تالية منها ترحيل بعض الثوار من عدن ونفيهم إلى دول أخرى كالزبيري الذي نفاه المحتل البريطاني إلى باكستان.

فتح الأحرار في الجنوب بيوتهم ومتاجرهم وصحفهم للأحرار القادمين من الشمال، فكانوا بمثابة الأنصار للمهاجرين، فآووهم واحتضنوهم وناصروهم ومولوهم، وكان كثير من التجار الشماليين في عدن والقرن الأفريقي هم الصندوق الرافد والممول لأنشطة الأحرار.

ففي العام 1944 كان وصول الأحرار من الشمال تباعاً إلى عدن بهجرات خفية ومتتابعة بشكل أحادي فرادى، فقد كانوا يتهربون تهريباً عبر طرق وعرة وجبال شاقة سيراً على الأقدام، وهكذا توافدوا إلى عدن حتى تم توافق الجميع على مكون يحضنهم جميعاً ولافتة يتحركون تحت غطائها، فكونوا “الجمعية اليمانية الكبرى”، حيث انعقد أول مؤتمر شعبي للأحرار في منزل الحاج محمد سلام حاجب بالتواهي من نفس العام 1944، حضره أحمد محمد نعمان، ومحمد محمود الزبيري، والشيخ مطيع دماج، والشيخ القوسي، والشيخ محمد حسن أبو راس، وزيد الموشكي، وعقيل عثمان، والسيد الشامي، وعبد الله ناجي الأغبري والأستاذ محمد علي لقمان والشيخ عبدالله الحكيمي وآخرون. وقد كان المؤتمر سرياً، إذ لم يستطع رجاله المجاهرة بالعمل خوفاً من حكومة عدن التي اشترطت عليهم عدم التدخل في الأمور السياسية، وفي هذا المؤتمر تم تشكيل “الجمعية اليمانية الكبرى” أولاً قبل أن يتم بعد ذلك تحويلها إلى “حزب الأحرار اليمني”.

لم تكن هذه الجمعية، وهذا الكيان خاصاً بشطر من شطري اليمن، بل كانت نواة للثورتين اليمنيتين سبتمبر وأكتوبر، فقد كان الأحرار المؤسسون من الشمال والجنوب على حد سواء لا يرون أي فرق أو تقسيم في القضية اليمنية الكبرى، حتى منهم الذين خرجوا خارج اليمن للتعريف بالقضية اليمنية لم يكونوا يخصون شطراً من الشطرين بل يطرحون قضية جامعة للوطن بشكل عام، ومن هؤلاء لقمان وعبدالله الحكيمي والبيحاني وباسندوة.

ومن خلال تلك الثلة التحررية في تكوين قضية جامعة لتحرير اليمن من خلال تشكيل “الاتحاد اليمني” عام 1953 أيضاً للأحرار في الشمال والجنوب والذي انتخب فيه الشيخ عبدالله الحكيمي أميناً عاماً له ليخلفه بعد وفاته الشهيد الزبيري، ثم بعد ذلك النعمان الذي ترأس الاتحاد في القاهرة نستطيع القول إنهم لم يبذروا بذرة الثورتين فحسب بل كذلك بذرة الوحدة الشاملة التي كان يخاف منها الكثير من القوى الدولية وعلى رأسها بريطانيا التي كرست الانفصال بكل قوة ورسمت الحدود مع الإمام يحيى وتبادل الطرفان بعض المناطق كقعطبة والبيضاء والضالع، وكونا لذلك قوات حرس حدود كل من جهته.

استطاع المناضلون الأوائل كسر تلك الحدود جزئياً من خلال تبادل بعض المصالح وكذا تهريب الثوار المعارضين لكلا الاحتلالين وتهريب بعض الأسلحة من الجنوب إلى الشمال لدعم ثورة 26 سبتمبر، وتهريب السلاح من الشمال إلى الجنوب بعد ثورة سبتمبر لدعم ثورة 14 أكتوبر.

وقد كان للعمق الشعبي المتداخل في نفوس الشخصيات الثورية التي لا تعترف بالتشطير ولا الحدود المصطنعة الدور الأكبر في توحيد النضال ضد الاحتلال في الجنوب والإمامة في الشمال، إذ لم يفرق مناضلو الجنوب بين صنعاء وعدن أو لحج وتعز وإب والضالع، ونفس الشيء كان لدى مناضلي الشمال الذين جعلوا صنعاء عاصمة للتخطيط والتوجيه الثوري لتحرير الجنوب عقب قيام ثورة سبتمبر وذلك في احتضان صنعاء الاجتماع الجنوبي لأكثر من 105 شخصيات برعاية السلال، كما جعل الجميع من تعز معسكراً لاستقبال الفرق المتدربة لتحرير الجنوب.

وتطبيقاً لهذا الأمر سنجد أن الشخصيات الأولى في الجنوب كالأصنج وقحطان ولبوزة ونعمان الحكيمي وغيرهم كانوا يجمعون المتطوعين من الجنوب إلى الشمال والذين كان يرأس بعض فرقهم كما شهر بذلك الشيخ راجح لبوزة وغيرهم.

فعقب قيام ثورة 26 سبتمبر 1962م انتقل قحطان من القاهرة إلى صنعاء، وعُين مستشاراً للرئيس عبد الله السلال لشؤون الجنوب المحتل، وتم دعم الجنوبيين لثورة 26 سبتمبر في الشمال، وأرسل المتطوعون لدعم الثورة في كل من الحديدة وحجة وإب.

فحين اشتدت الهجمات الإمامية المضادة على ثورة سبتمبر في محاولة يائسةٍ لوأد الثورة الوليدة برزت الضرورة الملحّة للإسهام في الدفاع عن الثورة أمام كثير من الشخصيات الجنوبية في الميدان خاصة ومنهم علي عنتر ورفاقه باعتبارها أهم وأنبل مهمة نضالية تقع على عاتق المناضلين الشرفاء، وإزاء هذه المستجدات الجديدة، وبرئاسة عنتر عَقد أبرزُ قادةِ حركة القوميين العرب في (الضالع) اجتماعهم في منزل الشهيد المناضل (علي شائع هادي) حيث تم في الاجتماع تدارس خطةٍ للإسهام المباشر في الدفاع عن ثورة 26 سبتمبر بكل الإمكانيات المتاحة وبمختلف الطرق، كما أنه ناقش إمكانية الثورة في الجنوب بعد أن توفر له أهم ظرف موضوعي لذلك، وعقب الاجتماع تحرك عدد كبير من الفدائيين مع إخوانهم من الجنوب للدفاع عن الجمهورية الفتية.

وهنا برز اسم راجح لبوزة الذي كون مع آخرين من أبناء منطقته مجموعة من الشباب المتبرعين للقتال في صف ثورة 26 سبتمبر للدفاع عنها، فكونوا مجموعة كبيرة من أبناء ردفان إلى قعطبة وكانوا حوالي «150» شخصاً، وتم ترحيلهم إلى إب ثم إلى الحديدة، وهناك سلمت لهم أسلحة شخصية وذخيرة.

واصل لبوزة المسير من الحديدة إلى منطقتي عبس برفقة قائد لواء إب الشهيد المقدم أحمد الكبسي، وكان في استقبالهم هناك قائد القوات المصرية المرابطة في عبس والمحابشة، وتم تمركز القوة التي كان يقودها الشهيد لبوزة في المحابشة في منطقة الوعلية والمفتاح.

وبعد عام من الدفاع عن ثورة سبتمبر والنضال المستمر جاءت الحاجة إلى الاتجاه جنوباً، واتفق الزعيم عبدالله السلال وقحطان الشعبي وبرعاية من جمال عبدالناصر على عودة أولئك المتطوعين المجندين في الشمال إلى الجنوب للقيام بثورة الرابع عشر من أكتوبر التي أشعل شرارتها الشهيد راجح لبوزة من جبال ردفان، ولما انطلقت تلك الثورة فتحت تعز وإب أرضها ودورها لاستقبال المجندين الجنوبيين والشماليين للتدريب على السلاح ودعم تلك الثورة، وهنا برز إسم عبود الشرعبي مهندس العمل الفدائي في تلك الثورة وأول من قام بعملية فدائية فيها.

حيث ملأ عبود سيارته بالألغام وذهب برفقة زملائه لتفخيخ ميدان الاتحاد في عدن الذي كان يجري الإعداد للاحتفال فيه من قبل شخصيات كبيرة من البريطانيين بينهم المندوب السامي مع بعض السلاطين الموالين إلا أن سلطات الاحتلال اكتشفت الأمر قبيل الاحتفال مما أدى إلى فشل العملية، الأمر الذي دفع عبود ورفاقه بفتح النار على مجموعة من الضباط البريطانيين الحاضرين وتكبيدهم خسائر طائلة، لكنه استشهد برصاص جندي بريطاني كان متمركزاً مع ثلة من الجنود فوق سطح عمارة البنك القريب من مسجد النور ليسقط “عبود” شهيداً مُضرجاً بدم الثورة والحرية.

وبرز من الشخصيات القيادية التي تدربت على السلاح وتلقت تدريبات خاصة في تعز علي عنتر وأبو بكر شفيق وغيرهم، كما استقبلت تعز فيها لأول مرة عقد الجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني المحتل مؤتمرها الأول في تعز في 22 يونيو 1965، وأعلنت فيه موقفها الثابت لمواصلة الكفاح المسلح ضد المستعمر البريطاني حتى جلائه عن أرض الوطن.

نفس الأمر سنجده في محافظة إب، حيث كان للشيخ مطيع دماج دور فاعل في دعم ثورة أكتوبر والكفاح المسلح في جنوب اليمن، وتوفير الأسلحة وجمع التبرعات. وقد كانت بيوته وبيوت أسرته في “النقيلين” ملجأً آمناً لبعض أبرز قيادات ثورة أكتوبر والكفاح المسلح في الجنوب. كما كان على رأس المساهمين في التحضير لمؤتمر الجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني الذي انعقد في مدينة جبلة في أبريل 1966.

لقد برز كذلك اسم محمود عشيش – ابن مدينة رداع البيضاء- في العمل الثوري ضد الاحتلال البريطاني في عدن، وانخرط في صفوف “الاتحاد اليمني” قبل أن يتم تأسيس حركة القوميين العرب، ومع تأسيس فرع حركة القوميين العرب في الجنوب عام 1959م اكتسب عشيش عضوية ذلك التنظيم، ومع تأسيس الجبهة القومية وإعلان الكفاح المسلح في 14 أكتوبر 1963م كان محمود عشيش من الأعضاء المتألقين فيها، حيث تم انتخابه في عضوية القيادة العامة في مؤتمر جبلة (المؤتمر الثاني المنعقد خلال الفترة من 7 إلى 11 يونيو 1966).

كان عشيش يرفض بقوة دمج الجبهة القومية ومنظمة التحرير في إطار جديد تحت مسمى (جبهة التحرير) في 13 يناير 1966.

كما بدأ نضال بعض الشخصيات الجنوبية مع الشمال في وقت مبكر كان أيضاً لبعض الشخصيات الشمالية في عدن والجنوب عامة نضال في وقت مبكر أيضاً، حيث شارك الشيخ إبراهيم حاميم – أحد شيوخ خدير في تعز – في ريعان شبابه بالحملة العثمانية على الإنجليز في مستعمرة عدن عام 1915م. ثم ذاع صيته بعد أن بدأ يتعهد بحماية القوافل التجارية وبتأمين أهم الطرق التجارية للبلاد في حينها، وهو طريق عدن – تعز البري، ولما خاف الاحتلال البريطاني من لعب هذه الشخصية دوراً هاماً في تزويد ثورة الشمال بالسلاح من الجنوب قام طيران الاحتلال البريطاني بقصف مخزنه للسلاح في الراهدة بتنسيق واتفاق مع الإمام أحمد حميد الدين يومها.

هناك الكثير من الشخصيات التي ناضلت في الجنوب من أجل التحرر من الاحتلال البريطاني نذكر منهم مثلاً عبدالعزيز عبدالولي ناشر من مواليد عزلة (الأعبوس) في محافظة تعز، الذي التحق بحركة القوميين العرب، ثم بتنظيم (الجبهة القومية)، الذي شارك في مناهضة التواجد البريطاني، وقد اعتقل في عدد من سجون مدينة عدن، وأطلق سراحه عام 1387هـ/ 1967م، وكذلك محمد عبده نعمان الحكيمي ومحمود عشيش وعبدالفتاح إسماعيل، وغيرهم كثير.

وحدة الشعب قبل وحدة الدولة

من خلال قراءة التاريخ النضالي المشرق الذي جرى في شمال اليمن وجنوبه ضد الاحتلال البريطاني والاستبداد الإمامي لم يكن الشعب منقسماً في النضال والهدف والمرجعية والهوية؛ فلم يكن ثمة ما يفرقهم أو يثنيهم عن أهدافهم وغايتهم، يتجلى ذلك الأمر من خلال تولي سلطات الدولة والمناصب المختلفة فيها.

فقد أسلفنا أن القيادة التي فرت من صنعاء وتعز وإب إلى عدن، وتلاحمها هناك مع شخصيات جنوبية التي فتحت بيوتها لاستقبال الأحرار كان لها الدور الرئيس في توحيد هذا النضال وتوحيد الأهداف والبرامج.

لذلك وبعد نجاح الثورتين كانت هناك شخصيات شمالية تولت أعلى مناصب الدولة في عدن، وكذلك المثل في الشمال فهناك شخصيات جنوبية تولت مناصب رفيعة في الجمهورية العربية اليمنية، وفي مقدمة الشخصيات الجنوبية التي تبوأت مناصب في الشمال نجد الرئيس قحطان الشعبي الذي عين مستشاراً لرئيس الجمهورية المشير عبدالله السلال لشؤون الجنوب المحتل.

ومنهم من تم استقدامه من عدن إلى صنعاء لتولي وزارات مختلفة، كما هو حال المناضل عبدالله الأصنج، الذي استدعاه الرئيس القاضي الإرياني من عدن ليعينه وزيراً للاقتصاد ثم وزيراً للخارجية لثلاث مرات.

ففي بداية عام 1971م، وفد عبدالله الأصنج إلى صنعاء قادماً من عدن بدعوة من المرحوم القاضي عبدالرحمن الإرياني – رئيس مجلس القيادة، وعينه وزيراً للخارجية في عام 1971م، ثم وزيراً للاقتصاد (في نفس العام)، ثم وزيراً للخارجية في عام 1974م، ثم وزيراً للمواصلات (في نفس العام)، ثم وزيراً للخارجية للمرة الثالثة في عامي 1975 و1977م، ثم مستشاراً سياسياً للرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي والرئيس علي عبدالله صالح.

وكذلك المثل محمد سالم باسندوة انتقل الى تعز عام 1965، شغل فيها منصب أمين الدعوة والفكر في تنظيم “الاتحاد اليمني الوحدوي”، وانتقل الى صنعاء في مطلع السبعينيات، وعين وزيراً للعمل والشؤون الاجتماعية والشباب العام 1974، ثم وزيراً للدولة ومستشاراً لرئيس مجلس القيادة في 1975، وعين في 1977 وزيراً للتنمية والتخطيط، ثم وزيراً للإعلام والثقافة في العام التالي، ثم عضواً في المجلس الاستشاري العام 1979، ثم مندوباً دائماً للجمهورية العربية اليمنية (اليمن الشمالي) لدى الأمم المتحدة في 1985.

ونجد أن عمر الجاوي عمل مدرسًا في مدرسة (المركز الحربي) في مدينة تعز، ثم تعيَّن رئيسًا لصحيفة (الثورة) اليومية الصادرة في العاصمة صنعاء، وأثناء ذلك شارك في تأسيس وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) في صنعاء، وتولى رئاستها، كما شارك في تأسيس وقيادة المقاومة الشعبية للدفاع عن الثورة والجمهورية أثناء حصار القوات الإمامية لمدينة صنعاء سنة 1388 هـ / 1968م، كما شارك في تأسيس (حزب العمال والفلاحين) سنة 1389 هـ / 1969م.

أما في الجنوب فنجد على رأس هرم السلطة عبدالفتاح إسماعيل كرئيس للجمهورية، وهو من محافظة تعز الشمالية، وكذلك نجد نعمان الحكيمي، وأيضاً محمود عشيش، وعبدالعزيز عبدالولي ناشر الذي انتخب عضوًا في مجلس الشعب الأعلى عام 1390هـ/ 1970م، ثم انتخب عضوًا في اللجنة المركزية لتنظيم (الجبهة القومية) عام 1392هـ/ 1972م، ثم انتخب عضوًا في اللجنة المركزية والمكتب السياسي للحزب الاشتراكي اليمني منذ تأسيسه عام 1398هـ/ 1978م، كما أعيد انتخابه عضوًا للجنة المركزية للحزب عام 1400هـ/ 1980م.

وكذلك المناضل عبدالله الخامري الذي تبوأ مناصب قيادية في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، منها: رئيساً لمحكمة أمن الدولة العليا ( مارس 68 – مارس 72) ووزيراً للإعلام (96 – 74 ) ووزيراً لشؤون مجلس الوزراء للفترتين ( 74 – 76 ) و (79 – 80 ) وممثلاً شخصياً لرئيس مجلس الرئاسة لشؤون الوحدة اليمنية.

لم تكن أمراض المناطقية والأنانية تتسلل إلى العمل النضالي والقيادي في الشطرين، بل لقد كان اعتراف الكبار بفضل هذا التلاحم بين الثورتين وأنه لولا ثورة 26 سبتمبر لما نجحت ثورة أكتوبر، وهذا ما قاله المناضل الراحل علي عنتر في إحدى خطاباته قال إنه لولا ثورة السادس والعشرين من سبتمبر في الشمال واستقبال المجندين في تعز للتدريب لما كان هناك ثورة الرابع عشر من أكتوبر في الجنوب ليؤكد واحدية النضال وواحدية الهدف وتكاتف الجهود ونبل الغايات التي انقلب عليها كثير ممن لا يعرفون قيمة تلك الجهود للرعيل الأول من الثوار ولا تضحياتهم، حتى بتنا نسمع اليوم من بعض الخطابات الرعناء ردة عن ثورة أكتوبر لقائلين عنها: إنها ثورة شمالية!.

العمل الإعلامي وجهاد الكلمة للثورتين

كان العمل التوعوي يعد الركيزة الأولى في العمل الثوري لثورات 1948 و1962 وأكتوبر 1963، إذ لا ثورة دون وعي وأهداف وجماهير مستنيرة تقوم بالثورة على الظلم والاستبداد والتخلف. ففي الشمال لم يكن متاحاً إلا الشعر أو الخطابة أو التلقين السري في المدارس التي كان يقوم بها النعمان مثلاً، أو الخطابة الجماهيرية والقصائد الشعرية التي كان يلقيها الزبيري، فحمل هذان الاثنان معركة الوعي والتنوير على عاتقيهما وتعرضا للمضايقات والسجون أحياناً، قبل أن يتهربا إلى عدن وكان ثالثهم الشيخ الحكيمي لتفتح لهم آفاق ووسائل جديدة من العمل التوعوي عبر الصحف المحلية والتي كانا يرسلان نسخاً منها إلى الشمال عن طريق أحد التجار من البيضاء ويتلقاها الثوار هناك ويوزعونها في أوساط الناس سراً.

وكذلك كانت هناك “جمعية الإصلاح” التي أسست في محافظة إب وكان يرأسها القاضي والمؤرخ محمد بن علي الأكوع عام 1941، وكان لهذه الجمعية فروع وأنشطة في صنعاء وتعز، وكانت توزع المنشورات المنددة بالإمام يحيى وتدعو إلى إصلاح الأوضاع، والتواصل مع أعضاء الأسرة الحامة ليضربوا بعضها ببعض وليقنعوا يحيى حميد الدين بالإصلاح. ولما انكشف أمر الجمعية أمر يحيى باعتقال جميع أعضائها في صنعاء وإب وتعز وتسييرهم إلى سجن نافع بحجة، وكان من بينهم جازم الحروي والأكوعان الأخوان محمد وإسماعيل والقاضي عبدالسلام صبره وأحمد النعمان والشيخ أمين عبدالواسع النعمان وعبدالرقيب النعمان (الأول) وناشر العريقي وغيرهم.

أما في عدن فقد أنشأ الثوار عدة صحف ومطابع منها صحف “فتاة الجزيرة” التي أنشأها محمد علي لقمان، وكذلك أنشأ صحيفة أخرى باللغة الإنجليزية سماها (أيدن كرونكل)، وكذلك صحيفة “الفضول” التي ترأسها الشاعر عبدالله عبدالوهاب نعمان وتلقب بها فيما بعد، وكذلك صحيفة “صوت اليمن” التي كان يمولها التاجر عبدالغني مطهر، ثم توالى بعد ذلك استيراد المطابع وإنشاء الصحف من قبل التجار الذين مولوا الثورة كأحمد عبده ناشر العريقي والشيخ جازم الحروي وعبدالغني مطهر وناشر العريقي ومحمد علي لقمان وغيرهم؛ فقد تعاون أحمد عبده ناشر وشريكه الشيخ جازم محمد الحروي في استقدام “مطبعة النهضة اليمانية” إلى عدن التي طبعت نشرات الأحرار اليمنيين وصحفهم ومطبوعاتهم.

كما كان أحمد عبده ناشر همزة وصل بين أحرار اليمن في الداخل وفي الخارج؛ إذ تبرع وجمع تبرعات كثير من المهاجرين لنصرة قضايا هذه الشعوب، ووثق اتصاله بكلا المرحومين الشيخ عبدالله الحكيمي والأستاذ عبدالله عبدالوهاب نعمان اللذين واصلا عبر إصدار صحيفتيهما “السلام” من كارديف و”الفضول” من عدن مسيرة حركة الأحرار بعد تشريد وسجن وإعدام قيادتها عام 1948م.

وبعد فشل الثورة الدستورية عام 1948 تم نفي الزبيري إلى باكستان وعاد منها إلى القاهرة فأتيح له منبر في إذاعة صوت العرب التي كان يلقي منها قصائده وخطاباته الجماهيرية التي تزلزل طغيان الإمامة، وقد كانت أشد وقعاً على الأئمة من قذائف المدفع والدبابة، وكان الصوت الحر المعبر عن الثورة ووهجها والثوار وتطلعاتهم، وكسب الجماهير للوعي والثورة وتلهب الحماس في الثوار والجماهير والاندفاع في العمل الثوري.

كما نجد أن محمد سالم باسندوة أصدر في عدن صحيفتين اسبوعيتين هما “النور”، و”الحقيقة”، الا أن سلطات الاحتلال البريطانية اعتقلته مرتين لفترة وجيزة وأبعد لفترة أيضا الى مدينة اسمرة في إريتريا.

وبعد نجاح المرحلة الأولى من ثورة السادس والعشرين من سبتمبر عام 1962 وتأسيس إذاعة اليمن في تعز كانت تدعم الأحرار في جنوب الوطن عبر تسليط الضوء على ثورة 14 أكتوبر وجرائم الاحتلال في الجنوب.

من هنا كانت الكلمة والإعلام جبهة مهمة تتقدم أحياناً الجبهة العسكرية والسياسية؛ فهي من تصنع الشخصيات وتستقطب الثائرين الأحرار وتصنع الوعي الثقافي والعلمي بالدولة وأهمية الثورة وأهمية التحرر من الذل والعبودية والظلام للالتحاق بالنور العلمي والمعرفي والاعتزاز الذاتي ونبذ العنصرية وخلق المساواة للجميع.

محطات في طريق الثورة والاستقلال

– عام 1842 انطلقت أول مقاومة ضد الانجليز من ساحل موزع وذو باب من أبناء المناطق الشمالية إلا أنها انكسرت أمام فارق التسلح بينهم وبين الاحتلال المدجج بأنواع الأسلحة الحديثة.

– 14 من فبراير 1955: بدأت التمردات القبلية ضد التواجد البريطاني في إمارة الضالع بمقتل “موندي” أحد المسؤولين البريطانيين العاملين في عدن.

– 19 فبراير 1957: المركز العسكري البريطاني في الحرف منطقة الأزارق – إمارة الضالع يسقط بيد مجاميع من قبائل الأحمدي والمحاربة والازارق واستسلام جميع أفراده.

– 22 ابريل 1958: حاصرت القبائل نائب المستشار البريطاني في الضالع “روي سومر ست” في مركز الحرس الحكومي في رأس جبيل جحاف.

– 24 فبراير 1963: عقد في دار السعادة بصنعاء مؤتمر “القوى الوطنية اليمنية” حضره أكثر من 1000 شخصية سياسية واجتماعية ومستقلة، إلى جانب عدد من الضباط الأحرار وقادة من فرع حركة القوميين العرب لإقرار الثورة على المحتل البريطاني.

– 14 أكتوبر: انطلقت الشرارة الأولى لثورة الرابع عشر من أكتوبر 1963 من جبال ردفان، بقيادة راجح بن غالب لبوزة واستشهاده بنفس اليوم.

– 14 أكتوبر الاحتلال يتخذ سياسة الأرض المحروقة ضد السكان خلفت كارثة إنسانية فظيعة.

– 10 ديسمبر عام 1963: نفذ خليفة عبد الله خليفة عملية فدائية بتفجير قنبلة في مطار عدن ضد الاحتلال، ويصيب المندوب السامي البريطاني (تريفاسكس) بجروح ومصرع نائبه القائد جورج هندرسن.

– 11 ديسمبر 1963 : صدر قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، قضى بحل مشكلة الجنوب اليمني المحتل وحقه في تقرير مصيره.

– 7 فبراير 1964: دارت أول معركة للثوار استخدموا فيها المدفع الرشاش في قصف مقر الضابط البريطاني في ردفان (لحج).

– 28 ابريل من نفس العام: شنت مجموعة من فدائيي حرب التحري هجوماً على القاعدة البريطانية في الحبيلين (ردفان).

– 22 مايو 1964: ثوار الجبهة القومية في ردفان يصيبون طائرتين بريطانيتين من نوع “هنتر” النفاثة.

– 24 يوليو من العام ذاته: انطلاقة الكفاح المسلح ضد المستعمر البريطاني وأعوانه في إمارة الضالع بقيادة علي أحمد ناصر عنتر، عقب عودته من تعز بعد دورات تدريبية هناك.

– 1965 اعترفت الأمم المتحدة بشرعية كفاح شعب اليمن الجنوبي طبقاً لميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

– 22 يونيو 1965: عقدت الجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني المحتل مؤتمرها الأول في تعز، وأعلنت فيه موقفها الثابت لمواصلة الكفاح المسلح ضد المستعمر البريطاني حتى جلائه عن أرض الوطن.

– 22 ابريل 1966: الثوار يسقطون طائرتين بريطانيتين ما جعل القوة الاستعمارية وأعوانها تشدد من قصفها للقرى وتنكل بالمواطنين فيها.

– 28 يوليو 1966: نفذ الفدائيون في حضرموت عملية قتل الكولونيل البريطاني جراي، قائد جيش البادية.

– في أغسطس 1966: الحكومة البريطانية تعترف بقرارات منظمة الأمم المتحدة لعامي 1963 و1965 الذي أكدت فيه حق شعب الجنوب اليمني المحتل في تقرير مصيره.

– 31 ديسمبر 1966: الثوار يهاجمون القاعدة البريطانية في الضالع ويقتلون ثلاثة جنود ويدمرون ثلاث سيارات “لاند روفر” ويحرقون عدداً من الخيام بما فيها من مؤن ومعدات.

– 3 ابريل 1967: الفدائيون ينفذون عدة عمليات ضد مواقع وتجمعات المستعمر البريطاني في الشيخ عثمان ويكبدونها خسائر فادحة في الأرواح والعتاد.

-20 يونيو 1967: الفدائيون يتمكنون من السيطرة على مدينة كريتر لمدة أسبوعين.

– 21 يونيو 1967: الثوار يتوجون كفاحهم البطولي في إمارة الضالع بالسيطرة على عاصمتها بقيادة علي احمد ناصر عنتر.

– 12 أغسطس1967: الجبهة القومية تسيطر على مشيخة المفلحي، وتوالى بعد ذلك سقوط السلطنات والمشيخات بيد الجبهة.

– 14 نوفمبر 1967: أعلن وزير الخارجية البريطاني (جورج براون) أن بريطانيا على استعداد تام لمنح الاستقلال لجنوب الوطن في 30 نوفمبر 1967.

– 21 نوفمبر 1967: بدأت المفاوضات في جنيف بين وفد الجبهة القومية ووفد الحكومة البريطانية من أجل نيل الاستقلال تم خلالها توقيع اتفاقية الاستقلال برئاسة قحطان محمد الشعبي، ووفد المملكة المتحدة (بريطانيا) برئاسة اللورد شاكلتون.

– 26 نوفمبر 1967: بدء انسحاب القوات البريطانية من عدن، ومغادرة الحاكم البريطاني هامفري تريفليان.

– 29 نوفمبر 1967: كان جلاء آخرِ جندي بريطاني عن مدينة عدن.

– الـ30 من نوفمبر 1967: إعلان الاستقلال الوطني وقيام جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية، وأعلن عن تولي قحطان محمد الشعبي رئيساً لجمهورية اليمن الجنوبية الشعبية لمدة سنتين، وتم تشكيل أول حكومة برئاسة قحطان الشعبي.

*سبتمبر نت

أخبار ذات صلة

0 تعليق